الجزائر – يحيي العالم غدا الثلاثاء اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري الذي يصادف ال 30 أغسطس من كل سنة، والذي يعد أحد أخطر انتهاكات حقوق الإنسان حيث يصنف في خانة “الجرائم ضد الإنسانية”، لاسيما في ضوء استمرار افلات مرتكبيه من العقاب على نطاق واسع.

و تحذر الأمم المتحدة بهذه المناسبة التي أقرتها جمعيتها العامة عام 2010, من ممارسة جريمة الاختفاء القسري على الضحايا الذين لايزال مصير الآلاف من المختفين منهم مجهولا, وتدعو جميع الدول إلى التصديق على اتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.

وتشير التقارير الدولية إلى اختفاء مئات الآلاف من الأشخاص خلال النزاعات أو فترات القمع في 85 دولة على الأقل حول العالم.
و أعربت الجمعية العامة للأمم المتحدة عن قلقها العميق إزاء الزيادة في حالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي في مناطق مختلفة من العالم, بما في ذلك الاعتقال والاحتجاز والاختطاف عندما تكون جزء منها أو ترقى إلى حد الإكراه.

و وفقا للإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري, الذي أعلنته الجمعية العامة في 18 ديسمبر 1992 كمجموعة مبادئ لجميع الدول, يحدث الاختفاء القسري عند “القبض على الأشخاص أو احتجازهم أو اختطافهم ضد إرادتهم أو حرمانهم من حريتهم بأي شكل آخر من قبل مسؤولين من مختلف الفروع أو المستويات الحكومية, أو من قبل مجموعات منظمة أو أفراد يتصرفون نيابة عن الحكومة, أو بدعم مباشر أو غير مباشر, بموافقة أو إذعان الحكومة, يليه رفض الكشف عن مصير الأشخاص المعنيين أو أماكن وجودهم أو رفض الاعتراف بحرمانهم من حريتهم, مما يجعل هؤلاء الأشخاص خارج حماية القانون”.

 

تزايد الاختفاء القسري بشكل مخيف في المغرب

 

 

يأتي ذلك في وقت يواصل فيه نظام المخزن المغربي تصعيده المستمر في انتهاكات وتجاوزات حقوق الانسان في المملكة باستخدام الاختفاء القسري والاختطاف كسلاح لترهيب المجتمع, لاسيما اسكات صوت المعارضين والسياسيين والصحفيين ونشطاء المجتمع المدني والمدافعين الحقوقيين.

و لايزال ملف الاختفاء القسري في المغرب خاصة المتعلق بما يعرف بضحايا “سنوات الرصاص”, يثير مزيدا من الاستياء والغضب في صفوف الهيئات الحقوقية وعائلات الضحايا المختفين, في ظل صمت الحكومات المتعاقبة بالمملكة ومحاولاتها طي الملف دون الكشف عن الحقيقة.

فبعد مرور 15 سنة من انتهاء أشغال “هيئة الانصاف والمصالحة” – التي رأت النور في يناير 2004 للنظر في ملفات “الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان” في الفترة ما بين 1956 و1999, والتي تعرف ب”سنوات الرصاص”- وصدور توصياتها حول ملف الاختفاء القسري, لازالت الحقيقة غائبة ولازال مصير عشرات المختفين مجهولا, مع انعدام النية لدى نظام المخزن المغربي لحل الملف و انصاف المتضررين.

و في السياق, جددت “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان” مطالبها بتشكيل آلية وطنية مستقلة للكشف عن الحقيقة في كافة ملفات الاختفاء القسري العالقة. وأكدت أن توصيات الهيئة المتعلقة بالكشف عن الحقيقة الكاملة في ملفات الاختفاء القسري وجبر الأضرار الجماعية والفردية وتنفيذ استراتيجية وطنية لمناهضة الإفلات من العقاب, بقيت “حبرا على ورق”, و أن الدولة المغربية “أخلفت وعودها مع الضحايا والمجتمع”.

كما أدانت الجمعية الحقوقية “محاولات الدولة طي ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وملف الاختفاء القسري بالخصوص, دون الكشف الكامل عن الحقيقة بشأن كافة ضحاياه”, مشيرة الى أنها تتوفر على لائحة من 75 اسما “لا زالت حالتهم عالقة”, منتقدة في ذات الوقت حفظ القضاء المغربي لعدد من الملفات.

و نبهت الجمعية إلى أن “تقرير الفريق العامل للأمم المتحدة المعني بحالات الاختفاء القسري, أو غير الطوعي, الصادر في 1 أكتوبر 2021, يتحدث عن 153 حالة اختفاء قسري لم يبت فيها حتى نهاية الفترة المشمولة بالتقرير المذكور”.

و في سياق متصل, تؤكد “لجنة التنسيق لعائلات المختطفين مجهولي المصير وضحايا الاختفاء القسري” بالمغرب أن “ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الماضي والحاضر لا زال مفتوحا, لأن الحقيقة لا زالت غائبة أو مغيبة وخاصة ما تعلق بالمختطفين مجهولي المصير”, وتشدد على رفضها لكل ما جاء في التقرير الأولي المقدم من طرف الدولة المغربية إلى اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري, وتتهم المخزن ب”طمس وتزوير الحقائق و إقبار ملف المختطفين”.

و بخصوص المجزرة الوحشية التي ارتكبتها قوات الامن المغربية بحق المهاجرين الأفارقة في 24 يونيو الماضي, عند محاولتهم اجتياز السياج الحدودي بين مدينة الناظور وجيب مليلية الإسباني, قامت لجنة الأمم المتحدة المكلفة بالاختفاء القسري في 20 اغسطس بتسجيل وتبني أول حالة فيما يتعلق بالمفقودين السودانيين الذين لم يظهر لهم أثر بعد فاجعة “الجمعة السوداء”.

و ذكرت “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان” (فرع الناظور) – التي تتابع ملف المهاجرين الأفارقة المفقودين على إثر المأساة والتي قتل خلالها 23 شخصا على الأقل على يد الشرطة المغربية – أنه “بعد مجهودات كبيرة, وأخيرا, سجلت لجنة الأمم المتحدة المكلفة بالاختفاء القسري, وتبنت أول حالة فيما يتعلق بالمفقودين السودانيين الذين لم يظهر لهم أثر بعد فاجعة الجمعة 24 يونيو.

و يتعلق الأمر بالشاب السوداني مازن دفع الله قالو الذي راسلت بشأنه لجنة الاختفاء القسري السلطات المغربية”.

و أكدت أن العمل “يجب أن يتواصل محليا, وطنيا ومع الآليات الأممية لمعرفة مكان تواجد كل المفقودين سواء كانوا أحياء أم أمواتا والتعرف عن أسباب وظروف اختفائهم”.

وكـالة الأنباء الجزائرية