أكّد الكاتب الصحفي الفلسطيني، محمد إسماعيل ياسين، اليوم الاثنين، أنّ عام 2023 لم يكن عادياً في تاريخ الحركة الإعلامية الفلسطينية، بل كان الأكثر دموية والأشد عنفاً وبطشاً من قبل جيش الإحتلال الصهيوني الذي تمادى في إستهدافه “المتعمد” و”الممنهج” للصحفيين الفلسطينيين ووسائل الإعلام، ضارباً عرض الحائط بالقوانين الدولية والمواثيق الإنسانية المؤكدة على حمايتهم في مناطق الصراع.

في مقال له، أوضح ياسين أنّ “هذه الممارسات تأتي في إطار السعي المحموم للاحتلال من أجل إخفاء صور ومشاهد جرائم الإبادة التي يرتكبها بحق المدنيين الآمنين في غزة عن أنظار العالم، محاولاً تجنّب استفزاز الرأي العام الدولي المناهض للعدوان على غزة، بما يمنحه المزيد من الوقت لتنفيذ مخططاته بعيدا عن أي ضغوط دولية”.

في السياق،  أبرز المتحدث أنّ الإعلاميين الفلسطينيين قدموا ومازالوا يقدمون فاتورة باهظة في ظل استمرار العدوان الصهيوني الذي أودى بحياة أكثر من مائة صحفي، فضلاً عن اعتقال آخرين وتدمير مقرات العشرات من المؤسسات الإعلامية واضطرار العديد منها للتوقف عن العمل الإعلامي جرّاء الانقطاع المتواصل للكهرباء وشح إمدادات الوقود منذ بداية العدوان في السابع من أكتوبر الماضي، علاوة على كثافة القصف الجوي والمدفعي لمختلف أنحاء قطاع غزة.

وتابع: “تبخرت شعارات حقوق الإنسان والقوانين الدولية والمواثيق الإنسانية على وقع المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال الصهيوني على مدار ثلاثة شهور بحق المدنيين و الطواقم الإعلامية والطبية والدفاع المدني، إذ بدت وبكل أسف كدليل إرشادي لجيش الاحتلال الذي تفنن في اختراقها ودوسها بدباباته، مستثمراً في عجز المجتمع الدولي وتواطؤ القوى الدولية الظالمة عبر إراقة المزيد من دماء الأطفال والنساء”.

وتعكس لغة الأرقام “وحشية الاحتلال ومدى إجرامه، إذ تجاوز عدد الصحفيين الذين قضوا شهداء منذ بداية العدوان على قطاع غزة، 106، وهو ما يفوق عدد الصحفيين الذين قتلوا برصاص وصواريخ الاحتلال منذ عام 2000 وحتى تاريخ اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة بحر ماي 2022 والبالغ عددهم 50 صحفياً”، مشيراً إلى أنّ عدد الضحايا من الإعلاميين مرشح  للزيادة في ظل استمرار الاحتلال في عدوانه الغاشم.

ونبّه الإعلامي الفلسطيني إلى أنّ الاستهداف الصهيوني للصحفيين لم يقتصر على قطاع غزة، بل امتد ليطالهم ووسائل الإعلام في الضفة الغربية، التي شهدت اعتقال صحفيين وإغلاق واقتحام مؤسسات إعلامية، وذلك في محاولة يائسة لكتم الصوت الفلسطيني وحجب الصورة الفلسطينية والحيلولة دون وصول الحقيقة الفاضحة لجرائم ووحشية الاحتلال الصهيوني.

وأكد محمد إسماعيل ياسين أنّ “استبسال فرسان الإعلام الفلسطيني في تغطية وقائع العدوان الصهيوني الشرس المتواصل على قطاع غزة للشهر الثالث على التوالي، رغم المخاطر الجمة المحدقة بهم وقسوة الظروف المعيشية يعكس إرادة فولاذية وانتماء وطني عميق مكنهم من قهر رواية الاحتلال الكاذبة والتصدي لدعايته وحربه النفسية الضارية للنيل من إرادة وصمود المجتمع الفلسطيني”.

وأبرز أنه “لا وقت للبكاء والعويل في أجندة الصحفيين الفلسطينيين الذين طال ذويهم وبيوتهم بطش الاحتلال وغدره بل تراهم يلاحقون جرائم الاحتلال المتوالية لفضحها ونقل آهات الضحايا لعلها تحرك ضمير العالم، متطلعين لتوثيق فجر النصر والتحرير الذي يرونه قريبا وإن رآه غيرهم بعيداً”.

وأردف يقول: “بات من العار أن يردّد المجتمع الدولي شعاراته حول حقوق الإنسان وحرية الإعلام وحرية الرأي والتعبير وحق المعرفة وتداول المعلومات، فكل ذلك بات مجرد شيك بلا رصيد”.

وخلص الإعلامي الفلسطيني محمد إسماعيل ياسين إلى أنّ “التغطية الإعلامية للعدوان على غزة مستمرة، ولن تسقط الراية التي استلمتها الزميلة شيرين أبو عاقلة من الزميل ياسر مرتجى وسلمتها للزميل سعيد الطويل وسلّمها لقافلة طويلة من فرسان الإعلام الفلسطيني، وخير شاهد على ذلك أنّ مقولة بالدم نكتب لفلسطين لم تعد مجرد شعار بل باتت واقعاً ملموساً”.

 الإذاعة الجزائرية