الجزائر – عرض مساء أمس السبت بالجزائر العاصمة الفيلم الوثائقي الطويل “عدم الإنحياز، مشاهد من بكرات لابودوفيتش” للمخرجة الصربية ميلا توراجليتش، وهو عمل يؤرخ لمسار مواطنها ستيفان لابودوفيتش (1926- 2017)، المصور الصحفي الذي رافق زعيم يوغوسلافيا السابقة، جوزيف بروس تيتو، في أبرز محطاته السياسية ورحلاته الدولية.

يتطرق هذا العمل، المنتج في 2022 والمقدم في إطار الطبعة ال11 للمهرجان الدولي للسينما بالجزائر (فيكا)، إلى مسار هذا المصور الصحفي الذي كان يعمل في الوكالة اليوغسلافية للإنتاج السينمائي “فيلمسكي نوفستي” والذي رافق تيتو في رحلاته عبر العالم ووثق لمختلف الأحداث السياسية الدولية التي عايشها والزعماء الذين قابلهم فأصبح يعرف في بلاده بلقب “مصور تيتو”.

انطلاقا من العاصمة الصربية بلغراد، وهي أيضا العاصمة السابقة ليوغسلافيا، تسلط المخرجة الضوء على الحياة المهنية للابودوفيتش ذي ال88 عاما، والذي يعود بذاكرته وفي جو من الحنين والمرح إلى مختلف الأحداث السياسية التي غطاها كمصور صحفي داخل وخارج يوغسلافيا، أبرزها المؤتمر الأول لحركة عدم الانحياز الذي احتضنته بلغراد في 1961.

يقدم هذا العمل، في 104 دقائق، حوارات سابقة مع لابودوفيتش مرفوقة بالكثير من الصور والفيديوهات الأرشيفية الشاهدة على المسار الحافل لهذا المصور، بدءا بمؤتمر بلغراد أين التقط الكثير من الصور المؤرخة له وللرؤساء الذين حضروا تلك القمة رافضين بذلك الاصطفاف مع أي من الجانبين الرأسمالي والاشتراكي في سياق حربهما الباردة، فأسسوا بذلك لتلك الحركة التي انضمت لها فيما بعد العديد من دول العالم.

بعض ذلك الأرشيف الذي قدمه الوثائقي يخص أيضا حرب التحرير الجزائرية حيث تواجد المصور بالجزائر في 1959 وبأمر من تيتو وبقي فيها لثلاث سنوات، أنجز خلالها العديد من الأفلام الوثائقية التي وثقت لنضال الشعب الجزائري فكانت “دعاية إيجابية” حول هذه الثورة و”أهم تعاون ضد الكولونيالية”، يقول لابودوفيتش، الذي يلقب أيضا ب “مصور الثورة الجزائرية”.

ركزت توراجليتش في هذا الإطار على هذا الرابط التاريخي الهام الذي يجمع بين صربيا والجزائر فسافرت إلى الجزائر العاصمة والتقت هناك بأحد المجاهدين الذي كان يحوز العديد من الصور حول الثورة التحريرية والتي تعود للابودوفيتش، كما أجرت زيارة إلى “متحف المجاهد” بالعاصمة أين تعرض العديد من أعماله، معتبرة أن لابودوفيتش كان “رابطا كبيرا” بين البلدين.

وكان آخر حضور للمصور بالجزائر من خلال معرض فوتوغرافي بالعاصمة في 2015 ضمن الأيام الثقافية الصربية بالجزائر، وقد سبق وأن تم تكريمه أيضا في إطار الطبعة ال5 للمهرجان الدولي للسينما بالجزائر (فيكا) في 2014.

بعض الأشرطة الوثائقية التي احتواها هذا العمل تؤرخ أيضا للرحلات التي قادت تيتو إلى العديد من البلدان الإفريقية كمصر وأثيوبيا وغانا، المنضوية تحت لواء عدم الانحياز، وخصوصا عبر السفينة الأسطورية “غالب” المتواجدة حاليا بأحد الموانئ الكرواتية بعد أن أكلها الصدأ، ويقول لابودوفيتش أن بلاده كانت لها “شيوعية غير ستالينية وعلاقات مصالح مع الجميع”، مضيفا أنه “تمكن من زيارة الكثير من البلدان والتعرف عليها وتوثيق جزء من تاريخها بفضل رحلاته مع تيتو”.

لابودوفيتش، الذي ترك أرشيفا كبيرا شاهدا على كفاح الحركات التحررية وفترة الحرب الباردة والذي مازال محفوظا إلى اليوم ببلاده صربيا، وثق أيضا للعديد من مؤتمرات الأمم المتحدة ورؤساء العالم الذين تركوا بصماتهم فيها كنيكيتا خروتشوف ودوايت إيزنهاور وفيدال كاستور، حسب ما يبينه هذا الوثائقي الناطق بالإنجليزية.

ميلا توراجليتش، مخرجة صربية من مواليد 1979، درست السينما بجامعة بلغراد والعلوم السياسية بمدرسة لندن للاقتصاد ببريطانيا، متخصصة في الأفلام الوثائقية ومن أهم أعمالها “سينما كامونيستو” (2010) و”الوجه الآخر من كل شيء” (2017).

وافتتح أول أمس الجمعة المهرجان الدولي ال11 للسينما بالجزائر (فيكا) المخصص للفيلم الملتزم وسط مشاركة 60 فيلما من مختلف البلدان بينها 25 عملا ضمن المنافسة، وتركز هذه الدورة خصوصا على قضايا المقاومة والمرأة والبيئة.

وكـالة الأنباء الجزائرية