الجزائر – يعتبر قصر رياس البحر المشهور باسم “حصن 23” بالجزائر العاصمة، جوهرة معمارية جزائرية بنيت في الفترة العثمانية مصنفة في قائمة التراث العالمي لليونسكو منذ 1992، ضمن القطاع المحفوظ لقصبة الجزائر، وما زال يبهر الزوار ويثير فضول الباحثين في تاريخه المعماري ودوره في حماية البلاد، حسبما أكدته يوم الثلاثاء، المهندسة المعمارية مليكة حسين.

وخلال عرضها لنتائج بحثها حول “تاريخ هندسة قصر رياس البحر”، أكدت الأستاذة مليكة حسين من المدرسة  الوطنية المتعددة التقنيات للهندسة المعمارية والعمران بالحراش، في محاضرة لها بمناسبة إحياء شهر التراث بمركز الفنون والثقافة في قصر رؤساء البحر (حصن 23)، أن هذا المعلم العمراني والتاريخي المصنف تراثا عالميا يعتبر “جوهرة معمارية جزائرية بنيت في الفترة العثمانية نظرا لخصوصياته المتعلقة بنوعية القصور والمنازل وكذا دوره في حماية المدينة وباعتباره شاهدا على ارتباط مدينة الجزائر القديمة معماريا بالبحر”.

وتقول السيدة حسين، أن هذا المعلم هو “جزء من التطور الاقتصادي والاجتماعي والعمراني التي عرفته مدينة الجزائر ابتداء من 1600 والتي بلغت قمتها مع تفوق رياس البحر في المنطقة”.

وتجلى هذا التطور -تضيف- في تشييد العديد من المعالم العمرانية بالقصبة السفلى والتي كانت محاذية للبحر أو خارج أسوار المدينة، على غرار الجامع الجديد و دار مصطفى باشا و قصور خارج المدينة.

وقد سمحت الأرضية المسطحة في الجهة  السفلى للمدينة من تشييد هذه البنايات المميزة، وكذلك قربها من الميناء لتوصيل المواد الأولية للبناء.

كما ترى بأن هذا المعلم التاريخي “هو عبارة عن تجمع سكني بعدة أدوار أحيانا دفاعية نظرا لوجود مخزن للذخيرة، وهو حي  برجوازي بالنظر إلى جمالية قصوره الثلاثة (17-18-23) إلى جانب منازل الصيادين البسيطة ومصلى وحمام مزين بفسيفساء رومانية ظاهرة للعيان وغيرها من الملاحق”.

من جهة أخرى، تقول المتحدثة، إن قصر رياس البحر الذي يظهر اليوم “معزولا” عن النسيج العمراني للمدينة، كان في الماضي جزءا من تشكيلة عمرانية متناسقة ومتتابعة جعلت من البحر جارا تستأنس به، لولا التغييرات التي بدأت تطرأ عليه خاصة بعد 1932 حينما قررت فرنسا الاستعمارية إعادة النظر في تقسيم مدينة الجزائر، بشكل يسمح بتحرك عتادها العسكري وفرض سيطرتها على البلاد.

وقد استطاع قصر رياس البحر، وفق المحاضرة، أن يقاوم التغييرات التي طرأت عليه بسبب تدخل الإنسان أو العوامل الطبيعية، حيث تم تصنيفه عديد المرات معلما تاريخيا ابتداء من 1909 تحت تسمية “منزل موريسكي تاريخي” ومباشرة بعد استرجاع السيادة الوطنية قامت الجزائر بسن قانون يحميه كمعلم وطني سنة 1967 ثم إدراجه ضمن قائمة المعالم الوطنية المحمية ليتم لاحقا تصنيفه ضمن القطاع المحفوظ لقصبة الجزائر على  قائمة التراث العالمي من قبل منظمة اليونسكو في 1992.

وكـالة الأنباء الجزائرية