الرباط – أكد حقوقيون مغاربة أن إدانة البرلمان الأوروبي لانتهاكات المغرب لحقوق الإنسان وحرية الصحافة بعد سنوات طويلة من السكوت واللامبالاة يعد “ضربة قاسية للمخزن ولأجهزته القمعية”, معربين عن أملهم  في أن يكون لهذا القرار التاريخي “أثر فعلي يدعو إلى كف المخزن عن تماديه في استبداده وفساده وألا يكون القرار لحظة معزولة زمنيا”.

وفي السياق, قالت الناشطة الحقوقية المغربية خديجة الرياضي, الحائزة على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان, في تصريحات صحفية, إن قرار البرلمان الأوروبي “وضع حدا لسنوات طويلة من تغاضي هذه المؤسسة عن الانتهاكات الخطيرة للحقوق والحريات التي يرتكبها المخزن, كما أزاح الحصانة التي وفرتها السلطات المغربية لنفسها باستعمال الرشاوى وشراء الذمم”.

و اعتبرت هذا التصويت “مهما” لأنه أفشل إحدى الوسائل الخبيثة التي اعتمدها النظام المغربي للزج بالصحافيين في السجون, وهي توجيه تهم “لا أخلاقية” ل”ضرب مصداقيتهم”, فضلا عن “إثارة وضعية حقوق الإنسان بشكل عام ومطالبة الاتحاد الأوروبي بمواصلة العمل للضغط على السلطات المغربية من أجل إطلاق سراح الصحفيين المعتقلين واحترام الحقوق والحريات”.

وختمت خديجة الرياضي تصريحاتها بالقول: “صحيح أن النضال من أجل الديمقراطية مكانه هنا (تقصد المغرب), وآلياته المقاومة والتعبئة المتواصلة ضد أعدائها, لكن عندما يتلقى هؤلاء ضربة قوية ومؤلمة من هذا النوع فذلك يشكل سندا لهذا النضال ويشجع على مواصلته”.

من جهته, وصف الحقوقي والقيادي في “جماعة العدل والإحسان” محمد حمداوي, في حسابه على “تويتر”, إدانة البرلمان الأوروبي لسياسيات المغرب في مجال حقوق الإنسان والمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والكف عن اختلاق ملفات أخلاقية لتصفية الحسابات مع الفاعلين السياسيين والمعارضين ب “الصفعة المدوية”.

وأضاف: “منذ توقيع المخزن اتفاق العار مع الصهاينة وانتكاسات النظام المغربي تتضاعف”, وقال: “سياسة خارجية فاشلة جلبت عداوات متعددة مع أكثر من طرف سواء داخل دول أو عدة منظمات أو فاعلين حقوقيين وسياسيين واقتصاديين”.

كما أعرب عن أمله في “أن يكون للقرار أثر فعلي يدعو إلى كف المخزن المغربي عن تماديه في استبداده و فساده وألا يكون القرار لحظة معزولة زمينا”.

من جانبه, استغرب الحقوقي و السياسي حسن بناجح في منشور على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”, من الأصوات المخزنية المألوفة التي خرجت بعد قرار البرلمان الأوروبي للحديث عن “المؤامرة وتصفية الحسابات عوض استثمار المناسبة للاعتراف بالأخطاء القاتلة والمنزلقات الكبيرة في مجال حقوق الإنسان ومن ثم ترتيب المسؤوليات على من جر البلد إلى مثل هذه الوضعية التي سيؤدي البلد ثمنها على كافة المستويات بفعل سياسات واختيارات وتصرفات طائشة متسلطة ومتغولة”.

ويرى بناجح أن “الأمر أبسط من أي جهود تهدر للاستمرار في الانتهاكات الممنهجة لحقوق والإنسان ولا في التغطية عن هذه الانتهاكات ولا من أموال تبذر على أبواق فاشلة لا تهمها إلا مصلحتها الخاصة لأجل تبرير ما لا يبرر والدفع نحو الاستمرار في نفس المسار التسلطي الذي تنتعش وسطه في جميع الظروف”.

وطالب في الأخير بـ “الرجوع إلى الصواب وسحب جميع الذرائع والملفات والأسباب التي ستؤدي لمثل هذه القرارات بعيدا عن التهرب من واقع يعرفه الجميع”, منبها إلى أن “القريب قبل البعيد يعرف وجود صحفيين وسياسيين وأصحاب رأي ومدونين في السجون المغربية بملفات ملفقة ومحاكمات ليس فيها شرط واحد من شروط العدالة, ويوظف فيها القضاء لتصفية المعارضين ويطلق المجال للتشهير بهم وبعائلاتهم دون أي رادع”.

وكان البرلمان الأوربي, قد أدان أول أمس الخميس, بالأغلبية, انتهاكات المغرب لحقوق الإنسان وحرية الصحافة, داعيا إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن ناصر الزفزافي و إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين.

ومن المرتقب أن تشهد العلاقات الثنائية بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية تحولا عميقا, قد يطال مستوى التعاون السياسي والأمني وكذا مجالات الشراكة الاقتصادية, فيما يبدو مستقبل العلاقات الثنائية على المحك, في انتظار ما ستؤول إليه التحقيقات حول تورط المغرب في قضية الفساد التي هزت البرلمان الأوروبي, وفقا للمتتبعين.

وكـالة الأنباء الجزائرية