الجزائر – ساهمت المدرسة العليا للفنون الجميلة بالجزائر على مدار60 سنة من الإستقلال في ترقية الفن التشكيلي الجزائري والحفاظ على عصارة الممارسة الفنية الجزائرية العريقة وهي بمثابة قطب ثقافي بامتياز لتكوين أجيال من الفنانين التشكيليين والنحاتين وفن الزخرفة والمنمنمات و التصميم وغيرها من التخصصات وماتزال إلى اليوم تنبض بالإبداع.

المدرسة العليا للفنون الجميلة, التي تراسها الراحل بشير يلس بعد الاستقلال و بعده أحمد عسلة الذي اغتالته أيادي الارهاب في حرم المدرسة سنة 1994, تشرف على “تكوين نوعي للطلبة تم تكييفه مع التطور الحاصل في عالم الفنون” على غرار الفنون البصرية فنون العرض والإتصال إلى جانب فتح أقسام في الماجستير والدكتوراه “لفتح أفق التناغم مع المحيط الخارجي ومتطلبات العمل الفني المعاصر”, حسب الفنان التشكيلي عبد الرحمان عيدود.

كما اعتبر عيدود أن “استحداث باكالوريا الفنون (السمعي البصري, المسرح, السينما…) عامل جد مشجع وإيجابي يهدف إلى صقل وتنمية المواهب الموجودة في قطاع التربية وترقية البعد الفني واعطائه مكانة في النظام التربوي الوطني و العمل لتثمين ما يعج به القطاع من قدرات فنية والذهاب بها إلى ترقية المشهد الثقافي الوطني والتأسيس لاقتصاد ثقافي”.

و اردف أن هذا الإجراء يساهم في ” تقوية التربية الفنية في الوسط التربوي لجعلها مشتلة لتربية المواهب وتنميتها وطنيا في مختلف التخصصات للتوجه من القواعد نحو صناعة فنية حقيقية وكذا توجيه التلاميذ ذوي المواهب الحقيقية بدءا من السنة الأولى

ثانوي إلى التخصص الفني بهدف تكوينهم مبكرا وفسح المجال للشباب الجزائري لتنمية مواهبه في مختلف التخصصات الفنية”.

كما وصف الفنان التشكيلي عبد الرحمان عيدود تطور الفنون الجميلة في الجزائر المستقلة “بالحصيلة الإيجابية و الثرية”, وعرفت “تطورا كبيرا حداثيا ” في تقاليدها فهؤلاء الفنانين الشباب الذين يصنعون نجاحهم على الساحة العالمية يمارسون الفن المعاصر بكل مستوياته و مكوناته وعناصره التقنية بمستوى عالمي مع الحفاظ على عناصر هويتهم و ثقافتهم”.

و أوضح ذات المتحدث أن الدولة “رافقت هذا التطور مع التركيز مؤخرا على تدعيم التكوين” كما ساهمت نخبة من الأساتذة الرواد بالمدرسة العليا للفنون الجميلة الذين تلقوا تكوينا في الخارج وعادو إلى الوطن في “تقديم مناهج دراسية تتماشى والتطورات في المجال” ما سمح ببروز جيل فريد من الفنانين الشباب لهم “حضورهم مع باقي التجارب العالمية” مبرزا أن “الفنان التشكيلي في الجزائر يمارس منذ بدايات الإستقلال فنه بكل حرية”.

و نجح الفنان الجزائري خلال ستين سنة من تجاوز تأثيرات المدرسة الفرنسية الاستشراقية ذات النزعة الكولونيالية و ابراز “جيل جديد من الفنانين التشكيليين وطلبة المدرسة العليا للفنون الجميلة بالجزائر وملحقاتها يمتلك مبادرات فردية و جماعية لخلق الفعل والنشاط الفني”.

افتتاح 16 مدرسة جهوية للفنون الجميلة على المستوى الوطني

من جهته , أكد الفنان التشكيلي , كريم سرغوة أن مجال الفنون (تشكيلية, رسم , نقش , نحت , تصميم ، صورة  إلخ) في الجزائر عرف تطورا “نوعيا ” و”مذهلا” خلال 60 سنة من الاستقلال حيث تم خلال هاته الفترة تحقيق “مكاسب على مستوى الهياكل التكوينية” كما ساهمت جهود الفنانين خلال هذه الفترة في “تأسيس المدرسة العليا للفنون الجميلة” بالجزائر العاصمة, لتعزز تدريجيا بفتح 16 مدرسة جهوية على المستوى الوطني منها عزازقة (تيزي وزو), مستغانم, وهران, تلمسان, سيدي بلعباس, باتنة, بسكرة, سطيف, قسنطينة و الجلفة وهو ما أعطى “دفعا” لدائرة التكوين البيداغوجي الفني كما تم فتح فروع تخصصات فنية جديدة لتدعيم الحركة الفنية وتأطيرها, وفق ذات المتحدث.

بدوره , أكد مدير المدرسة الجهوية للفنون الجميلة لوهران, الفنان التشكيلي ,الهاشمي عامر ل/واج,  على المكانة “المرموقة التي يحتلها الفن التشكيلي الجزائري على امتداد 60 سنة من الإستقلال على المستوى العربي والعالمي باعتباره مجالا خصبا لإبراز ثراء الموروث الثقافي و الهوية الوطنية التي تزخر بها الجزائر” مضيفا أن “الفن الجزائري يمتلك عناصر العالمية في خطابه الجمالي والتقني وغزير الإنتاج الفني بفضل الفنانين الذين واصلوا بجهودهم في بناء مسار ساطع للتجربة التشكيلية الجزائرية”.

و شدد الفنان الهاشمي “أنه إلى جانب المنجز الفني لرواد الفنون التشكيلية على غرار امحمد إسياخم , محمد خدة وغيرهم, برزت على فترات مختلفة أسماء فنية تشكيلية جزائرية لها حضورها ومكانتها على المستوى العالمي, تسطع بإبداعاتها في أكبر قاعات العرض الفني ومتاحف في العالم على غرار رشيد قريشي, زينب سديرة, و حمزة بونوة”.

وذكر التشكيلي الهاشمي عامر ب “جهود الدولة خلال هذه الفترة وتوفيرها لكل الإمكانيات على مستوى مدارس الفنون الجميلة وملحقاتها التي تم إستحداثها لاحتضان المواهب الفنية, لتحسين التكوين الفني وترقية الفنون التشكيلية وباقي التخصصات بمناهج حديثة ومرافقتها بهدف الحفاظ على تقاليد الممارسة الفنية الجزائرية الأصيلة التي تمازج بين التراث والعصرنة” داعيا إلى ضرورة “توفير مناصب شغل لخريجي مدارس الفنون الجميلة و ذلك لغرس وترسيخ الذائقة الفنية لدى الجيل الجديد من الطلبة في مختلف الأطوار التعليمية و تشجيع المواهب واكتشافها”.

و أردف ذات المصدر قائلا أنه يعتبر تجربته الذاتية ” ثمرة لهذا الدعم في مجال التكوين الذي رعته الدولة منذ السنوات الأولى للاستقلال حيث استفاد كغيره من المواهب الفنية من منحة دراسية للخارج (الصين ثم وفرنسا وغيرها ) وشكلت فرصة لتطعيم تجربتي الفنية بعناصر جديدة خدمة للفن الجزائري والارتقاء به وكذا التعريف بالفن الجزائري”.

وكـالة الأنباء الجزائرية