الجزائر- شهدت سنة 2022 انتصارات متتالية على الصعيدين الدبلوماسي و القضائي للقضية الصحراوية, رغم سعي المغرب انكار حقيقة شعب يناضل من أجل حقه المشروع في تقرير المصير وبسط سيادته على جميع ربوع الجمهورية الصحراوية.

و اتحدت كلمة أبناء الشعب الصحراوي في التصدي للاحتلال المغربي ومؤامرته لتكريس مطامعه التوسعية وفرض الأمر الواقع في الصحراء الغربية, كما التفوا حول ممثلهم الشرعي والوحيد, جبهة البوليساريو, في مسيرة ظفروا في اطارها بالكثير من المكاسب النضالية.

ويمضي الشعب الصحراوي متجندا وراء جبهة البوليساريو في نضاله التحرري, في ظل واقع يتميز باستمرار الكفاح المسلح الذي فرض عليه نهاية عام 2020 بعد نسف المغرب لاتفاق وقف إطلاق النار بالمنطقة العازلة بالكركرات, وبتشبثه بممارسة حقه في تقرير المصير على أساس اللوائح الأممية و الشرعية الدولية.

وما يزيد هذا الشعب عزيمة و اصرارا تلك المكاسب الدبلوماسية والقضائية التي حققتها الجمهورية العربية الصحراوية, وفي مقدمتها الاعتراف الدولي المتزايد بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير, وحضورها في العديد من المحافل القارية والدولية الهامة.

وقد ساهمت عدالة القضية الصحراوية في حشد التأييد والدعم الدولي, على غرار قرار جنوب السودان شهر سبتمبر الماضي

استئناف علاقاته الدبلوماسية مع الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية وتجديد كينيا مؤخرا تمسكها بالعلاقات الدبلوماسية “المتميزة” مع الصحراء الغربية وبحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.

كما شكل تعيين كل من أنغولا وبوتسوانا بداية العام الجاري لأول سفير لهما لدى الجمهورية الصحراوية, رفضا صريحا ومباشرا لجميع محاولات نظام الاحتلال المغربي فرض سياسات الأمر الواقع بالصحراء الغربية ولضغوطاته.

من جهة أخرى, جددت العديد من الدول, أمام لجنة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بإنهاء الإستعمار, موقفها التاريخي من النزاع في الصحراء الغربية ودعوتها بضرورة تسريع عملية إنهاء الاستعمار في آخر مستعمرة بالقارة, تحت إشراف الأمم المتحدة, مما شكل ضربة قوية للدعاية والتضليل المغربي.

 

توالي الضربات الموجعة للمخزن

 

كما تلقت مزاعم الاحتلال المغربي ضربة موجعة حينما رفض الكونغرس الأمريكي الاعتراف ب”السيادة” المغربية المزعومة على الصحراء الغربية, و ادرج المساعدات المقدمة للصحراء الغربية بشكل منفصل عن تلك المتعلقة بالمغرب.

فعلى عكس السنوات الأخيرة, لم يدرج الكونغرس الصحراء الغربية تحت البند المتعلق بالمغرب في قانون المالية لسنة 2022 الذي وقع عليه الرئيس جو بايدن, وهو ما يفسر رفض المؤسسة الدستورية الأولى في الولايات المتحدة الأمريكية الصريح للمحاولات الهادفة الى انتهاك القانون الدولي في الصحراء الغربية.

وتعرضت الدبلوماسية المغربية, التي لم تهدأ عن وضع العراقيل وتقديم الرشاوي لعرقلة الدعم المتزايد لصالح القضية الصحراوية, لصفعة أخرى عبر تنامي الاعتراف الدولي بالقضية الصحراوية بأمريكا اللاتينية, التي أبدت دولها دعمها لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير و أكدت التزامها بمساندة الجهود المبذولة للتوصل إلى حل عادل ودائم للنزاع في الصحراء الغربية, على غرار بيرو و كولومبيا.

هزيمة اخرى مني بها المغرب, اثر اخفاقه في مراهناته لتحييد مشاركة الرئيس الصحراوي, ابراهيم غالي, في اشغال القمة المشتركة بين الاتحاد الافريقي والاتحاد الاوروبي شهر فبراير الماضي بالعاصمة البلجيكية بروكسل وكذا في ندوة طوكيو الدولية للتنمية في افريقيا “تيكاد 8” المنعقدة بتونس في أغسطس الفارط.

وتأتي هذه الانتصارات لتنضاف لقائمة المكتسبات الدبلوماسية الصحراوية التي حققتها جبهة البوليساريو على المستوى الأممي, خاصة ترسيخ قضية النزاع في الصحراء الغربية باعتبارها قضية تصفية استعمار, وعلى المستوى الأوروبي, لا سيما في خضم المعركة القانونية لحماية ثروات الشعب الصحراوي من النهب.

هذا, بالإضافة الى قرار المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب الصادر شهر سبتمبر الماضي والذي تضمن دعوة لجميع الدول الأطراف في الميثاق الافريقي لحقوق الإنسان والشعوب والبروتوكول الخاص بهذا الميثاق وكذا جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الافريقي, لأن تتحمل المسؤولية بموجب القانون الدولي لإيجاد حل دائم للاحتلال وضمان التمتع بالحق في تقرير المصير للشعب الصحراوي وعدم القيام بأي شيء من شأنه الاعتراف بأن هذا الاحتلال “شرعي” أو الاعتراض على التمتع بهذا الحق.

وعلى الصعيد القضائي دائما, جاء القرار الصادر عن مجلس الدولة الفرنسي, على ضوء الإجراءات التي باشرها اتحاد الفلاحين الفرنسيين بشأن وقف الصادرات الزراعية من أراضي الصحراء الغربية نحو فرنسا, ليضيف انتصارا آخر للدبلوماسية الصحراوية, اذ سيسمح بالتطبيق الفعال لحكم محكمة العدل الأوروبية لعامي 2016 و 2018 الذي صنف الصحراء الغربية والمغرب إقليمين منفصلين ومتمايزين و أكد أن الإتحاد الأوروبي لا يمكنه اعتماد “سلطة” المغرب المزعومة في الإقليم, بالنظر إلى افتقاره إلى السيادة.

و اختتمت سنة 2022 بتأكيد المشاركين في الندوة ال46 للتنسيقية الأوروبية للتضامن مع الشعب الصحراوي (اكوكو), التي جرت بالعاصمة الألمانية برلين, دعمهم لحق تقرير المصير لاستقلال الصحراء الغربية.

وكـالة الأنباء الجزائرية