الجزائر- تمر اليوم الأحد الذكرى ال68 لانعقاد اجتماع مجموعة الستة التاريخية بالجزائر العاصمة, وهو الحدث المفصلي الذي مهد لاندلاع ثورة أول نوفمبر المجيدة.

بتاريخ 23 أكتوبر 1954, اجتمع ستة من القادة المناضلين الذين ينحدرون من مختلف مناطق الوطن وهم: محمد بوضياف, العربي بن مهيدي, مصطفى بن بولعيد, كريم بلقاسم, ديدوش مراد ورابح بيطاط, بمنزل المجاهد مراد بوقشورة بمنطقة الرايس حميدو (العاصمة), في لقاء اتسم بأعلى درجات السرية لرسم معالم الثورة التحريرية التي رسخت مبادئ كفاح الشعب الجزائري على مدار التاريخ وجعلت من وحدته الوطنية حتمية لا مفر منها من أجل تحقيق الهدف الأسمى وهو الانعتاق من نير الاستعمار ونيل الحرية والاستقلال.

وقد سمحت عزيمة القادة الستة وإصرارهم على تفجير الثورة ضد الاستعمار الفرنسي بالاتفاق على شعار موحد (من الشعب وإلى الشعب) تحت لواء جبهة التحرير الوطني، حيث أرادوا أن تكون ثورة شعبية بلا زعيم ولا قيادة فردية ولا ريادة حزبية.

وكان العديد من المؤرخين قد تطرقوا إلى الظروف التي تم خلالها عقد هذا الاجتماع الذي تميز بسرية غير مسبوقة، على اعتبار أنه تضمن في جدول أعماله تحديد تاريخ اندلاع الثورة, وهو التاريخ الذي لم يطلع عليه حتى الوفد الخارجي للثورة الجزائرية في القاهرة, كما لم يطلع أيضا على نص بيان أول نوفمبر إلا عشية اندلاع الثورة بعد أن تنقل بوضياف إلى مصر وعرضه على أحمد بن بلة وحسين آيت أحمد ومحمد خيضر.

وأكد معظم المؤرخين أن صياغة بيان أول نوفمبر كانت بمشاركة الجميع وأنه لم يتم الإفصاح عما دار من حديث بين الزعماء الستة، وذلك تقديسا للسرية التي تميز بها هذا الحدث التاريخي الهام.

ومن أهم ما تمخض عن هذا الاجتماع التاريخي, تحديد التوقيت الدقيق وكلمة السر لتفجير الثورة عبر كامل التراب الوطني ورسم خريطة عسكرية لتحديد مواقع تواجد القوات الفرنسية مع اعتماد مبدأ اللامركزية في تسيير شؤون الثورة بمنح كل المناطق حرية التصرف في إدارة مصالحها وفقا لخصوصية كل منطقة وكذا إعطاء الأولوية للداخل عن الخارج.

كما اتفق المجتمعون على تقسيم الجزائر إلى ستة مناطق بحيث تولى مصطفى بن بولعيد قيادة المنطقة الأولى (الأوراس) وديدوش مراد المنطقة الثانية (الشمال القسنطيني) وكريم بلقاسم المنطقة الثالثة (القبائل) ورابح بيطاط المنطقة الرابعة (الوسط) والعربي بن مهيدي المنطقة الخامسة (الغرب), فيما تم إرجاء تعيين قيادة منطقة الجنوب الى وقت لاحق.

وتقرر على إثرها التحاق المجاهد محمد بوضياف بالقاهرة لربط الاتصال مع أعضاء الوفد الخارجي واطلاعهم على القرارات المتخذة وإذاعة بيان أول نوفمبر على أمواج إذاعة “صوت العرب”.

ومن بين أهم القرارات المتخذة خلال الاجتماع, إعطاء تسمية للتنظيم الجديد الذي سيعوض اللجنة الثورية للوحدة والعمل, كما تم الاتفاق على تسميته بجبهة التحرير الوطني واشتراط الانضمام إلى صفوفها بشكل فردي وليس حزبي وتسمية جناحها العسكري بجيش التحرير الوطني.

وقبل ذلك، كانت مجموعة ال22 التاريخية قد عقدت اجتماعا يوم 24 جوان 1954 بمنزل المناضل الياس دريش بالمدنية (أعالي العاصمة), برئاسة البطل مصطفى بن بولعيد، وكان ذلك بمثابة منعرج حاسم في مسار التحضير للثورة التحريرية.

وكـالة الأنباء الجزائرية