أكد وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب، في حوار له مع مجلة “الجيش”، أن التعاون المتزايد والمتنامي مع بلدان إفريقية منتجة للمحروقات، مثل نيجيريا يعزز مكانتها “كمركز إقليمي للطاقة”، مشيرا الى أن الجزائر قد أظهرت “مرونة كبيرة ” في سوق عالمي غير مستقر، مثبتة نفسها كمورد امن وموثوق به للغاز الطبيعي.
وأوضح السيد عرقاب في الحوار الذي نشر بمجلة الجيش في عددها لشهر فبراير، “أنه من الناحية الجيوسياسية، مكن موقع الجزائر في شمال إفريقيا من جعلها موردا استراتيجيا قريبا من القارة الأوروبية، كما عزز تعاونها المتزايد والمتنامي مع بلدان إفريقية منتجة مثل نيجيريا في مشروع خط أنابيب العابر للصحراء مكانتها كمركز إقليمي للطاقة”.
وسمح ذلك كذلك من كسب عملاء جدد في وسط وشرق أوروبا، حسب الوزير الذي أكد أن “موقف الجزائر الفعال ضمن المنظمات الحكومية الدولية مثل منتدى الدول المصدرة للغاز أو منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، ساهم في تعزيز مصداقيتها لدى شركائها الدوليين في مجال الطاقة، مما يدعم مكانتها الطاقوية +المحورية+ في البحر الأبيض المتوسط”.
وذكر في هذا السياق بالاستثمارات الطاقوية الكبيرة التي قامت بها الجزائر خلال السنوات الأخيرة والتي “عززت القدرة الإنتاجية الوطنية للغاز ووفرت طاقات تصدير قادرة على الاستجابة بسلاسة ومرونة لتقلبات الطلب”.
وفي هذا الاطار، أشار السيد عرقاب إلى سعي مجمع سوناطراك إلى تدعيم قدراته الإنتاجية عبر الاستثمار بالخارج في إطار عقود شراكة في مجال البحث وإنتاج المحروقات في دول الجوار مثل ليبيا ومالي والنيجر، حيث يعتزم استثمار مبلغ إجمالي قدره 442 مليون دولار في الفترة الممتدة ما بين 2024-2028.
علاوة على ذلك، تعمل الجزائر -حسبه- من الناحية البيئية على خفض بصمة الكربون للصناعة الغازية من خلال تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، حيث سيمكنها هذا الالتزام من تعزيز دور ومكانة الغاز الطبيعي كطاقة ترافق وتدعم الانتقال الطاقوي، كما سيساهم في الحفاظ على قدرتها التنافسية لهذا المورد.
هذا بالإضافة الى فترات التسليم القصيرة التي تتميز بها الجزائر في مجال الغاز الطبيعي المميع، الذي يجعلها مصدرا لاستقطاب اهتمام البلدان الواقعة على السواحل البحرية المتوسطية على وجه الخصوص، يضيف وزير الطاقة والمناجم.
وأضاف مبرزا “أن الاحتياطيات المؤكدة، والاكتشافات الغازية الأخيرة، ستفتح افاقا واعدة وضمانات للمستثمرين والمستوردين بشأن موثوقيتنا وقدراتنا على المدى الطويل. ومن خلال الجمع بين مزاياها الطبيعية واستراتيجيتها طويلة المدى، تسعى الجزائر إلى تعزيز وتثبيت بشكل مستدام مكانتها كشريك غازي رائد وموثوق به على الصعيد الإقليمي والدولي”.
بناء نموذج طاقوي وطني من أجل رؤية استشرافية شاملة
وفي حديثه عن قمة رؤساء دول وحكومات منتدى الدول المصدرة للغاز، أشار الوزير إلى أنه من شأن هذا الحدث “رسم المسار لمستقبل طاقة مستدام وامن ومزدهر للدول الأعضاء، من أجل دفع صناعة الغاز إلى المساهمة في تأمين الأمن الطاقوي ودعم ومرافقة هذا الانتقال على المدى الطويل”.
كما يعد فرصة لرؤساء الدول والحكومات لمناقشة التحديات العالمية في مجال الغاز من خلال استعراض ودراسة التطورات التي تشهدها الأسواق الغازية في ظل التغيرات الجيوسياسية والهيكلية في صناعة الغاز، خاصة المتعلقة بإزالة الكربون، حسب الوزير.
ومن المنتظر أن تخرج هذه القمة -حسب السيد عرقاب- بتوصيات استراتيجية على مستوى عال من خلال تبني إعلان هام في الجزائر يضمن التزام الدول الأعضاء للتعاون فيما بينها قصد مواجهة التحديات العالمية والتغيرات الجيوسياسية وضمان المصالح المشتركة للدول الأعضاء في مجال صناعة الغاز.
وبمناسبة هذا الحوار، ثمن الوزير مساهمة وزارة الدفاع الوطني في حماية المنشآت الطاقوية والمنجمية، خاصة على مستوى المواقع الحساسة، بالإضافة الى دورها في المرافقة في تجسيد مشاريع القطاع واطاراته، قائلا: “نحن على يقين تام بأنه بفضل جهود وحدات الجيش الوطني الشعبي فإن المنشآت الطاقوية في بلادنا مؤمنة تأمينا شاملا، بما يسمح بتجسيد كل أشكال التعاون والاستثمارات المشتركة على أرض الواقع”.
من جهة أخرى، أشار وزير الطاقة والمناجم إلى أن قطاعه يعمل حاليا بمساهمة كل القطاعات المعنية والمستهلكة للطاقة على تصميم نموذج طاقوي وطني يسمح بإعداد رؤية استشرافية شاملة لمختلف السيناريوهات المستقبلية الممكنة، بما في ذلك تلك المتعلقة بالانتقال الطاقوي.
و”ستمكن مخرجات هذا النموذج الطاقوي من وضع خطة طريق متوسطة وبعيدة المدى، من بين أهدافها ضمان الأمن الطاقوي، تحديد النهج الأنسب لانتقال طاقوي سلس يراعي الإمكانات الطبيعية والبنى التحتية، إضافة إلى تحديد الإجراءات فيما يخص الكفاءة الطاقوية وذلك بإدراج حلول مبتكرة جديدة من شأنها المساهمة في الترشيد
والتقليل من الوتيرة المتسارعة للطلب الوطني على الطاقة”، يضيف السيد عرقاب.